الهندسة - المستوى الأول

مقدمة

تخيل أنك تصمم طائرة ورقية، وتسعى لجعلها متينة ومتناظرة في آن واحد. ترسم مثلثات وأشكالاً رباعية، ولكن كيف تضمن أن الزوايا تتطابق تمامًا أو أن الأضلاع متساوية؟ هنا يكمن دور الهندسة، التي هي جوهر الأشكال والمساحات، وتتجلى أهميتها!

في الأولمبياد الدولي للرياضيات (IMO)، تتحدى المسائل الهندسية قدرتك على كشف العلاقات المخفية في الأشكال، وغالبًا ما تتطلب بصيرة ذكية حول الزوايا أو الخطوط أو المساحات. إن إتقان أساسيات الأشكال ثنائية الأبعاد، التي يغطيها هذا الفصل، أمر بالغ الأهمية لأن هذه المفاهيم تشكل حجر الزاوية لحوالي نصف مسائل الأولمبياد.

إنَّ علم الهندسة ليس مجرد حفظ للصيغ المُعقّدة. بل هو فهم عميق لعدد قليل من الحقائق الجوهرية التي تتحول في عقلك إلى أشبه بـ “السكين السويسرية” (Swiss Army knife)، القادرة على تفكيك أصعب مسائل الأولمبياد الدولي للرياضيات (IMO) وأكثرها إرهابًا. فكثير من المسائل المعقدة التي حيّرت أذكى العقول للوهلة الأولى، لم تُحَل في نهاية المطاف إلا من خلال تطبيق ذكي للمبادئ الأساسية – وهي ذات المفاهيم التي سنستكشفها في هذا الفصل. لطالما كانت الهندسة هي الملعب الخصب للرياضيات؛ من الإغريق القدامى الذين وضعوا قواعد المنطق والفضاء، إلى علماء الرياضيات المعاصرين الذين يدفعون حدود المستحيل.

هذا الفصل هو بوابتك للدخول إلى ذلك الملعب. سنبدأ بـ “المستوى الأول”، وهذا يعني أننا سنؤسس القاعدة التي سيقوم عليها كل شيء آخر. فكّر في الأمر كأنك تتعلم الحروف الأبجدية قبل أن تكتب رواية عالمية. إنَّ المفاهيم التي ستجدها هنا – الزوايا، والخطوط المتوازية، وخصائص المثلثات، والتطابق، والتشابه – هي بمثابة “قواعد اللغة” في الهندسة. ستراها تظهر في كل مكان، غالبًا ما تكون متنكّرة في مسائل أكثر تعقيدًا في المستويين الثاني والثالث، وحتى في مجالات أخرى مثل الجبر ونظرية الأعداد!

ستكون رحلتنا منظّمة وواضحة. سنبدأ بالأساسيات المطلقة التي وضعها إقليدس قبل أكثر من ألفي عام: النقاط والخطوط والعلاقات بين الزوايا. ومن ثمَّ، سنستكشف النتائج الأنيقة والقوية للخطوط المتوازية. وباستخدام تلك الأدوات، سنوجّه اهتمامنا الكامل إلى نجم الهندسة: المثلث. سنتقن زواياه الداخلية والخارجية، ونفهم الشروط التي تجعل مثلثين متطابقين تمامًا أو نُسخًا مُصغّرة/مُكبّرة لبعضهما البعض (متشابهين)، وأخيرًا، سنتعلم كيف نقيس فضاءهما من خلال صيغ المساحة.

بحلول نهاية هذا الفصل، ستكون قادرًا على:

• تحديد وتطبيق المسلمات الأساسية للهندسة الإقليدية.
• حل المسائل التي تتضمن الخطوط المتوازية و”مطاردة الزوايا” (Angle chasing).
• إثبات واستخدام النظريات الجوهرية المتعلقة بزوايا المثلث وأضلاعه.
• إثبات تطابق المثلثات أو تشابهها بثقة واستخدام ذلك لإيجاد الأطوال والزوايا المجهولة.
• حساب مساحات المضلعات الأساسية واستخدام علاقات المساحات لحل المسائل.

إذًا، خذ قلمًا وورقة، وافتح ذهنك. لنضع سويًّا أولى أحجار رحلتك لتصبح حلاّل مسائل هندسية واثقًا ومبدعًا. إنَّ الطريق إلى مسرح الأولمبياد الدولي للرياضيات يبدأ هنا، بخطٍّ واحد، وزاوية واحدة، ومثلث واحد. لنبدأ.